الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

هل تفى الشريعة الإسلامية بإسعاد الحياة الحاضرة؟

شناويات...!
......


ربما يقول قائل إن الإسلام الذى تعرض لجميع شئون الحياة الإنسانية فى عصر نزول القرآن كان يكفى مجتمع ذلك العصر، وحقق لهم سعادتهم وجميع أمانيهم فى الحياة، لكن طرق الحياة الإنسانية تغيرت مع مرور الزمان، فحياة المجتمع الإسلامى الثقافية - وأسلوب المعيشة، والتقدم الصناعي والتقني فى حضارة اليوم لا تشبه الحياة البسيطة والساذجة قبل أربعة عشر قرنًا – والتى كانت مقتصرة على الوسائل الطبيعية الابتدائية، حيث بلغ الإنسان باجتماعه ومدنيته، ونتائج أبحاثه وتجاربه، وتنوع علومه، ومجهوده الشاق مستوىً من الإرتقاء والتكامل المدني، لو قورن بما كان عليه قبل عدة قرون، لكان كالقياس بين بيئتين متضادتين تمامًا، فكيف إذًا تكفى الشريعة الإسلامية التى وضعت قوانينًا تشريعيةً لتنظم الحياة فى عصر نزول القرآن، لنقول إنها يمكن أن تنظم أيضًا الحياة المتحضرة فى هذا الزمان وما بعده؟

وللإجابة على سؤالى - ينبغى أن أبدأ بالشئون الكلية للحياة الإنسانية، فالإنسان يحتاج فى حياته إلى غذاء يتغذى به، وثياب يلبسه، ومسكن يسكنه، ووسائل تحمله وتحمل أمتعته وتنقله من مكان إلى مكان، ومجتمع يعيش بين أفراده، وروابط تناسل ونسب، وعلاقات تجارية وصناعية وعملية وغير ذلك، وهذه حاجة كلية لا تتغير ما دام الإنسان إنسانًا مرتبطًا بهذه الحياة الإنسانية، فإذا اتفقنا على ذلك، فالإنسان الأولي وإنسان هذا اليوم في ذلك على حد سواء، لا فرق بيـنهما.


فأين الاختلاف إذًا؟ 


نعلم جميعًا أن الإنسان الأولي كان يتغذى بما يجده من الفواكه والنبات ولحم الصيد على وجه بسيط ساذج، لكنه اليوم يهيئ منها ببراعته وابتداعه ألوفًا من ألوان الطعام والشراب ذات خواص تستفيد منها طبيعته وبنيته الجسمانية، وألوان يستلذ منها بصره، وطعوم يستطيبها ذوقه، وكيفيات يتنعم بها لمسه، وأشكال يتشبع بها حِسُّه، وأوضاع وأحوال أخرى لا حصر لها، وعلى الرغم من أن هذا اختلاف فاحش فى وسائل التغذية، إلا أنه لا يفرق بين الإنسان الحالي والإنسان الأولي، فكلاهما يتغذى بما يسد به جوعه ويطفئ ثائرة شـهوته... وبالتالى يحدث بين الزمن القديم والزمن الحديث وفاق مع أصل الفطرة التى فطر الله الإنسان عليها من غير تغير ولا انحراف.


كما أن لدى الإنسان منذ وجوده في الأرض وحتى اليوم اعتقادات كلية لم تفارقه أبدًا، فهو يعلم كيف يحذر المخاطر، ويعرف أهمية النار والماء فى الحياة، وأنه ينبغى أن يزرع ليحصد، وأن يعمل ليعيش، وأن يجنى الثمر ليأكل، ويتزوج ليتكاثر، ويعالج نفسه إذا مرض، ويدافع عن نفسه إذا هوجم، ويحتاج للإجتماع لاعتماده على الغير واعتماد الغير عليه، وغير ذلك من الأحوال التى لا تحصى... فهذه كلها اعتقادات كلية عند الإنسان لا تبطل بتطوره من عصر إلى عصر.
وهنا أصل إلى ملخص إجابتى على السؤال الأصلى: فكما يحدث الوفاق بين كل العصور مع أصل الفطرة، حتى لو اختلفت الوسائل، وأن الاعتقادات الكلية عند الإنسان قد بقيت كما هى لم تتغير ولم تتحول، فكذلك القوانين الكلية الموضوعة فى الإسلام أيضًا لم تتغير، والتى تُسمى بالشريعة الإسلامية التى تستدعى سعادة المجتمع وتنظمه، لا تبطل بظهور وسيلة مكان وسيلة ما دام الوفاق مع أصل الفطرة محفوظًا من غير تغير وانحراف. 

فالشريعة الإسلامية بناء متكامل من الكتاب والسنة والإجماع، وما يوضح الأحكام من المذاهب الأربعة، لا ينبغى تجزئتها أو الاكتفاء ببعضها دون البعض الآخر، بينما الوسائل التى توجد الفروق بين العصور المختلفة هى التى تتطلب تطوير الخطاب الدينى، واجتهاد العلماء فى تطوير الفقه بما يتناسب مع التوسع فى المعاملات والوسائل المترتبة عليها، كى تتوافق الشريعة مع حياة الإنسان وسعادته الكاملة فى العصر الحديث كما كانت فى العصر القديم... فأينما كانت مصلحة الإنسانية، فثم شـرع الله دائمًا وأبدًا.


إذًا .... الشريعة الإسلامية تفى بإسعاد الحياة الحاضرة وكل حياة، حتى تقوم الساعة؟


مهندس محمد الشناوى
تداول العملات تداول النفط تداول الذهب سبائك ذهب فوركس

0 التعليقات :

إرسال تعليق