الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

لماذا خلق الله إبليس الملعون؟

شـناويات...!
لولا الشر والفساد والتعب والفقدان والنقص والضعف وأمثاله فى هذا العالم، لما كان للخير والصحة والراحة والكمال والقوة حقيقة واقعية، ولا فهمنا لها معنى، فالإنسان يبحث عن المعانى من واقع الحقائق. 
فلولا الشقاء لم تكن سعادة، ولولا المعصية لم تتحقق طاعة، ولولا القبح والذم لم يوجد حسنٌ ولا مدح، ولولا العقاب لم يحصل ثواب، وبالتالى - لولا الدنيا لن تكون هـناك آخرة.

فالطاعة هى امتثال المطيع لأمر المطاع، فإذا انعدم الامتثال حدثت المعصية وأصبح السؤال عن وجوب الطاعة ضروريًا ولازمًا، أما إذا لم تُفرض الطاعة أصلاً، أصبح الأمر والنهى عديما القيمة لامتناع وجود مفهوم وهدف للطاعة، وتلاشت الحدود بين الطاعة والمعصية واختلط الأمر وسادت العشوائية فى كل مناحى الحياة.

ومع بطلان الطاعة والمعصية يبطل المدح والذم المتعلق بهما، والثواب والعقاب، والوعد والوعيد، والإنذار والتبشير، ويبطل الدين، والشريعة والدعوة، ثم النبوة والرسالة، ثم الاجتماع والمدنية، ثم الإنسانية كلها، ثم كل شئ، وعلى هذا القياس – تبطل جميع الأمور المتقابلة فى النظام الكونى.

ومن هنا ينكشف لنا أن وجود الشيطان الداعى إلى الشر والمعصية هو من أركان نظام العالم الإنسانى، الذى إنما يجرى على طبيعة الإختيار ويقصد سعادة النوع البشرى... فمن لوازم المعصية أن يعرف الإنسان طريق الطاعة لينأى بنفسه عن الشر... لأن الشيطان كالحاشية المحيطة بالصراط المستقيم - الذى خُصص للجنس البشرى أن يسلكه كادحًا إلى ربه ليلاقيه. ومن المعلوم أن الصراط إنما يكون صراطًا بالحاشية الخارجة عنه، وتقف على جانبيه، إذ لولا الطرفين لم يكن هناك وسط... قال تعالى: (((هذا صراط على مستقيم إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين)))، 
وقال أيضًا: ((( قال فبما أغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم)))... فالشيطان وجنوده لا يقعدون على ذات الطريق مزاحمةً للإنسان، بل على حافتيه، يفعلون معه ما يشاؤون تزيينًا وإغواءً وصدًا وإفسادًا وتخريبًا ووسوسةً، إلخ.

فإذا تأمنا هذا الحال، وتدبرنا آيات سجدة الملائكة لآدم وموقف إبليس اللعين من السجود، انكشـفت لنا صورة كاملة وواضحة عن الروابط التى تجمع بين النوع الإنسانى والملائكة وإبليس - يُعبر عنها بالأمر والامتثال والاستكبار والطرد والرجم والسؤال والجواب، وأنها تشير إلى ما عليه طبائع الإنسان والملك والشيطان فى التعامل مع الأمر والنهى، فقد أُمر إبليس بالسجدة، ونُهى آدم عن الأكل من الشجرة، فلما خالف إبليس الأمر وأصر على المعصية، خالف آدم النهى، لكنه لما أدرك وجوب الطاعة، ندم على المخالفة واستغفر ربه... وهنا وجب على الإنسان أن يتربى فى طريق الأمر والنهى كى يمتثل للطاعة فيستحق السعادة بالجنة... أو يميل إلى المعصية فيشقى بالنار... إذ لا يستطيع أن يصل إلى موقف القرب من الله، وينزل فى منزل السعادة إلا بقطع الطريق المستقيم معتدلاً، لا يركن لحافتيه حيث يقعد الشيطان وجنوده.
فالإنسان يأمن عبور الصراط المستقيم فى الآخرة، أو ينحرف عنه، أو يتعثر عليه بسبب سلوكه فى طريق الدنيا اعتدالاً أو انحرافًا، وحينما نقرأ قوله عز إسمه: 
((( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين)))... ندرك أن الشيطان يتصرف فى الإنسان من جهة العواطف النفسانية من خوف ورجاء وأمنية وشهوة وغضب ثم فى أفكاره وإرادته المتعلقة بها... فالطريق إلى الجنة يحتاج إلى التضحية الشخصية والمجاهدة والمثابرة والصبر والمراقبة وبذل الجهد بحثًا عن رضا الله وعفوه ورحمته... لن تنفع الإنتماءات ولا التيارات ولا الأحزاب ولا العصبية... كلٌ منا مسئول عن سلوكه، وعن مقدار حرصه على استقامة طريقه إلى ربه.

مهندس محمد الشناوى


تداول العملات تداول النفط تداول الذهب سبائك ذهب فوركس

0 التعليقات :

إرسال تعليق