الأربعاء، 8 أبريل 2015

لماذا يبدو القضاء على الفساد في مصر مستحيلاً ودربًا من الخيال؟

لكي يتفشى الفسادُ ويسود فى المجتمع، ويشتد عودُه ويرسخ، ليُصبح القضاءُ عليه مستحيلاً، فهو يحتاج إلى ذراعين أساسيين: فاسد ومفسد.
فالسواد الأعظم من موظفي الحكومة المصرية بشتى فروعها ومؤسساتها يعلم عنهم القاصي والداني أنهم لا يعملون إلا بالرشوة، ويعشقون المال الحرام ليتفننوا في الحصول عليها بشتى الوسائل... وكل مصري يمكنه بالورقة والقلم أن يحدد كل الجهات الحكومية التي لا تعمل إلا بالرشوة... إلا أن متخذي القرارِ يعتبرون هذا التصرفَ مقبولاً - طالما  يتم برضا الأطرافِ كلِّها.
ثمة شيئًا ما أبرم اتفاقًا سريًا بين المصريين أن يسكتوا على الفساد ويستوعبوه ويغضوا الطرفَ عنه ويُوَرِّثوه لأولادهم... فالموظف المرتشي هو الذراع الفاسد... تعود نتيجةُ فسادِهِ عليه هو وعائلته... فلا الدولة تحاسبه ضرائبيًا على مئات الألوف التي يحصل عليها سنويًا بدون حق، ولا المواطنُ الراشي يتمكن من خصم قيمةِ الرشوةِ من إقرارِهِ الضريبي - أو من المبلغ الذي تخصمه الدولةُ قسرًا من راتبه.
والمواطن المصري نفسه هو الذراع المفسد، الذي يبني عليه الفساد كلَّ آماله ليستمر ويترعرع وينتشر ويتطور... فلولا قبول المواطن المصري لدفع الرشوة تمشية لمصلحته، كي لا يقف ولا ينتظر ولا يكرر الذهاب ولا تتعقد له الأمورُ ولا يتوهُ فى حلقات الروتين والدمغات والنماذج والتوقيعات والطوابير، لما استمر الفساد أبدًا... وبالتالي فهو المفسد الذي ينمي الفساد ولا يعترض عليه أبدًا... بل تجده يختلق له مسميات وأسباب، ويُهَوِّنُ من أمره بحجج وأعذار كلها جرائم أخلاقية فتاكة - تحبط وتقزز وتوضح أن لا أمل في التغيير مطلقًا، طالما هذا المواطن المفسد طرف أساسي فى المشكلة.

في نفس الوقت تجد موظفين يتقاضون الملايين شهريًا دون أن يقدموا للمجتمع فكرًا ولا علمًا - ولم يخدموا الإنسانية ببراعة عقولهم وعبقرية نظرياتهم... فلا ينبغي أن نحلم بأننا يمكن أن نقضي على الفساد في مصر... فنحن جميعًا مفسدون، وفينا قطاع عريض من الفاسدين المفسدين...لأن الفاسدين يجدون أنفسهم مفسدين أيضًا حينما يضطرون لقضاء مصالحهم... وبالتالي يُحْكِمُ الفسادُ قبضتَه في مصر بتمني الصحة والعافية وطول العمر لكل من الفاسد والمفسد.
أملي كبير فى الأم المصرية التي لم تولد بعد، حينما تربي أولادها على الأخلاق والنظافة والهدوء وحب الجمال والعمل والإبداع والاحترام، كى يصبح زوجها وابنها وأبوها وأخوها كارهين للفساد بشتى أنواعه، ويخرجون من عباءة مذهب الإمام الأكبر سيدنا محمد حسني مبارك الذي جعل الفساد ركنًا أساسًيا للإستقرار.

مهندس محمد الشناوي



تداول العملات تداول النفط تداول الذهب سبائك ذهب فوركس

0 التعليقات :

إرسال تعليق