الاثنين، 15 ديسمبر 2014

ما الفرق بين كلام الله وكلام البشر.؟

شـناويات...!

لم يتخذ القرآن الكريم منهجًا جديدًا فى استعمال الألفاظ وتركيب الجمل ووضع الكلمة بجوار معانيها، أو ترتيبًا غير مألوف، بل سلك مسلكًا لغويًا معتادًا يفهمه العرب الذين برعوا فى علوم الكلام... بيد أن الفرق بين كلام الله وكلام البشر يتجلى فى أن الكُتَّابَ والأدباء البلغاء والمتميزون وغيرهم، إنما يبنون الكلام على أساس ما يعقلوه من المعانى، والمُدرَك لهم من المعانى إنما يُدرك بفهمٍ مكتسبٍ من الحياة الاجتماعية التى اختلقوها بفطرتهم الإنسانية الاجتماعية، التى من شأنها الحكم بالقياس، وعند ذلك ينفتح باب المسامحة والمساهلة على أذهانهم فيأخذون الكثير مكان الجميع، والغالب موضع الدائم، ويفرضون كل أمرِ قياسٍ أمرًا مطلقًا، ويُلحقون كل نادر بالمعدوم، ويجرون كل أمر يسير مجرى ما ليس بموجود، فيقولون مثلاً: هذا حسن أو قبيح، وذلك محبوب أو مبغوض، محمود أو مذموم، نافع أو ضار، وفلان خَـيِّر أو شرير إلى غير ذلك. 

وفى الحقيقة ينطبق هذا الوصف فى بعض حالاته وعلى بعض الأوجه، وعند بعض الناس، وعلى بعض الآراء، ولن يجتمع اثنان ليقولوا نفس القول، وبالقياس إلى بعض الأشياء لا مطلقًا، لكن القائل إنما يلحق بعض التقادير المخالفة بالعدم تسامحًا فى إدراكه وحكمه، هذا فيما أَدرَكَهُ من جهات الواقع، وإنما ما يغفل عنه لمحدودية إدراكه لجهات الكون فهو أكثر، فما يخبر به الإنسان ويتخيل أنه أحاط بالواقع إدراكًا وكشفًا، إنما هو مبنى على التسامح فى بعض الجهات، والجهل فى بعض آخر، فإذا طلبت من مجموعة من الدارسين البارعين (وليكن مائة مثلا)، وصف شئ فى جملة، لحصلت منهم على مائة وصف، فمن ذا الذى يحكم على صحة أحد هذه الأوصاف؟
هزل واضح إذا قلنا إننا نستطيع أن نحيط بالواقع، ثم نطبق كلامنا عليه،فهذا حال كلام الإنسان المبنى على ما يحصل عنده من العلم ودرجة التخيل.
أما كلام الله سبحانه – فهو منزه عن هذه النقيصة، وهو المحيط بكل شئ علمًا، وقد قال عز إسمه فى صفة كلامه: (إنه لقول فصل وما هو بالهزل).
فكلامه سبحانه مطلق مبين. حينما يقول: (يحبهم) فليس يبغضهم فى شئ وإلا لاستثنى، وإذا وصف قومًا بأنهم (أذلة على المؤمنين)، لزم أن يكونوا أذلاء فى جميع أحوالهم وعلى جميع التقادير، وإلا لم يكن القول فصلاً.
وحينما يقول الله عز إسمه: (كنتم خير أمة)، أو: (لتكونوا شهداء على الناس)، أو: (هو اجتباكم)، إلى غير ذلك من الآيات المشتملة على أوصاف اجتماعية يتصف بها الفرد والمجتمع على حد سواء... فهى أوصاف يتصف بها الجزء والكل، والفرد والمجتمع لعناية مقصودة ومتعلقة بذلك، مثل حفنة من التراب بها جوهرة مقبوضة فى الكف... فالكف يقبض على التراب والجوهرة معًا... لكن الهدف هو الجوهرة.

مهندس محمد الشناوى

تداول العملات تداول النفط تداول الذهب سبائك ذهب فوركس

0 التعليقات :

إرسال تعليق